فن التصوير، أي رسم الإنسان والحيوان. فبالرغم من أن بعض علماء المسلمين الأولين، اعتبروه مكروهاً، إلا أنهم لم يفتوا بتحريمه أيام خلفاء بني أمية وبني العباس. فقد ترخصوا في ذلك حيث خلفوا صورا آدمية متقنة على جدران قصورهم التي اكتشفت آثارها في بادية الشام في سوريا مثل قصر الحير الشرقي وقصر الحير الغربي وقصر ابن وردان وفي شرق الأردن وسامراء، أو في الكتب العربية الموضحة بالصور الجميلة التي رسمها المصورون المسلمون كالواسطي وغيره، في مقامات "الحريري " وكتاب "كليلة ودمنة التصوير في الفن الإسلامي وفن التصوير اقتصر أول الأمر على رسوم زخرفية لمناظر آدمية وحيوانية رسمت بالألوان على جدران بعض قصور الخلفاء والأمراء كما يري في إطلال قصور الشام وقصير عمرو وبصرى وسامراء ونيسابور وغيرها، غير أن التصوير في الفنون الإسلامية اكتشف مجاله الحقيقي في تصوير المخطوطات منذ القرن الثالث الهجري – التاسع الميلادي – ومن أقدم المخطوطات المصورة مخطوطة في علم الطب محفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة وأخرى لكتاب مقامات الحريري ومحفوظة بالمكتبة الأهلية في باريس وهما مزدانتان بالرسوم والصور وتمت كتابتها وتصويرها في بغداد سنة 619 – 1222- وكانت فارس قد تولت ريادة فن التصوير الإسلامي إبان العصر السلجوقي ونهض نهضة كبيرة في عصر المغول في أواخر القرن السابع حتى منتصف القرن الثامن -الثالث عشر والرابع عشر الميلادي – وكان أشهر المخطوطات المصورة (جامع التواريخ) للوزير رشيد الدين في أوائل القرن السابع الهجري والشاهنامة للفردوسي التي ضمت تاريخ ملوك الفرس والأساطير الفارسية والمخطوطات المصورة في بغداد لكتاب كليلة ودمنة.وكان الأسلوب الفني في صور هذه المخطوطات المغولية متأثرا إلى حد كبير بالأسلوب الصيني سواء من حيث واقعية المناظر أو استطالة رسوم الأجسام أو اقتضاب الألوان.وأخذ فن التصوير الإيراني ينال شهرة عالمية في العصر التيموري وبخاصة في القرن التاسع الهجري – الخامس عشر الميلادي - وقد ظهرت فيه نخبة من كبار الفنانين الذين اختصوا بتصوير المخطوطات مثل خليل وأمير شاهي وبهزاد ويتميز التصوير الإيراني بصياغة المناظر في مجموعات زخرفية كاملة تبدو فيها الأشكال كعناصر تنبت من وحدة زخرفية وتتجمع حولها أو تمتد وتتفرع مع حرص المصورين على ملاحظة الطبيعة ومحاولاتهم محاكاتها والتعبير عن مظاهر الجمال والحركة فيها بسمائها ونجومها وأقمارها وبما تحتويه من جبال ووديان وأشجار وأزهار وبما فيها من رجال ونساء وأطفال وطيور وحيوان. وكانت العلاقة قوية بين الشعر والتصوير حيث كان التصوير نوعا من الموسيقى والمصور أشبه بالملحن لكتاب الشاعر. فكان يضع الشعر المكتوب في أشكال محسوسة ليطبع التفكير والخيال بنوع من الحقيقة والحركات المتنوعة. مما يجعله يعبر في ألوانه عن هذه الروح الموسيقية وتلك الحساسية الشاعرية. فكانت الألوان تمتزج في صوره امتزاجا عجيبا بين الزهاء والهدوء وتنسجم انسجام الألحان في المقطوعة الموسيقية بحيث تختلف الألوان في الصورة الواحدة وتتعدد. كما تختلف فيها درجات اللون الواحد الذي ينبثق من صفاء السماء وينعكس فيه أشعة الشمس الذهبية الصافية. فالتصوير الإيراني كان فنا تعبيريا عن الشاعرية والعاطفة من خلال تسجيل ما في الطبيعة من حقائق جذابة وما في القلوب من خيال أخاذ ونغمات دفينة..
وتعتبر الزخرفة لغة الفن الإسلامي، حيث تقوم على زخرفة المساجد والقصور والقباب بأشكال هندسية أو نباتية جميلة تبعث في النفس الراحة والهدوء والانشراح. وسمي هذا الفن الزخرفي الإسلامي في أوروبا باسم "أرابسك" بالفرنسية وبالأسبانية "أتوريك" أي التوريق. وقد اشتهر الفنان المسلم فيه بالفن السريالي التجريدي من حيث الوحدة الزخرفية النباتية كالورقة أو الزهرة،
توقيع طغرة السلطان عبد الحميد الأول
وكان يجردها من شكلها الطبيعي حتى لا تعطى إحساسا بالذبول والفناء، ويحورها في أشكال هندسية حتى تعطي الشعور بالدوام والبقاء والخلود. ووجد الفنانون المسلمون في الحروف العربية أساسا لزخارف جميلة. فصار الخط العربي فناً رائعاً، على يد خطاطين مشهورين. فظهر الخط الكوفي الذي يستعمل في الشئون الهامة مثل كتابة المصاحف والنقش على العملة، وعلى المساجد، وشواهد القبور. ومن أبرز من اشتهر بكتابة الـخط الكوفي، مبارك المكي في القرن الثالث الهجري، وخط النسخ الذي استخدم في الرسائل والتدوين ونسخ الكتب، لهذا سمي بخط النسخ. وكان الخطاطون والنساخ يهتمون بمظهر الكتاب، ويزينونه بالزخرف الإسلامية. كما كانت تزين المصاحف وتحلى المخطوطات بالآيات القرآنية والأحاديث المناسبة التي كانت تكتب بماء الذهب.