بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، ولا عداون إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه الغر الميامين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الديـــن . وبعد :
فقد كثُر الحديث حول مسألة التكفير عند شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب _ رحمه الله تعالى _ فقيل فيه أنه :
يكفر بالظن تارة ، وبالكبيرة تارة ، وبالعموم تارةً أخرى .. ، مع العلم بأنَّ أكثر من تكلم على الشيخ لم يقف على حقيقة أقواله من خلال كتبه ورسائله ، فهو إما من إمعةٌ مقلد ، أو عالم حاقدٌ حاسِد ، أو غوغائيٌ متبعٌ لكل ناعق .
فنظراً لأهمية هذه المسألة ، يحسنُ بطالب الحق أن يقف على كلام الشيخ بنفسه من خلال كتبه ورسائله ، لاعن طريق ( قال أبي وجدي وسمعتُ .. ) فهذا وغيرهُ لا يُعتمد عليه لأن المنهج الصواب إنما هو في التحري والتقصي وتحرير محل النزاع مع المخالف .
ومن هذا الباب قُمنا بذكر شيء من كلام الشيخ _ رحمه الله _ في مسألة التكفير من خلال كتبه ورسائله المتداولة بين طلاب العلم في كل مكان فهي القول الفصل بين المفرطين والغالين .
* * *
[ الشيخ لا يكفر بالظـن ]
* وقال أيضاً _ رحمه الله _ : (( من أظهر الإسلام وظننا أنه أتى بناقضٍ ، لا نكفره بالظن ؛ لأن التبيّن لا يُرفع بالظن وكذلك لا نكفر من لا يُعرف منه الكفر بسبب ناقضٍ ذُكر عنه ونحن لم نتحققه )) .
مجموع مؤلفات الشيخ / الرسائل الشخصية ج 5 ، ص 24 .
* وقال _ رحمه الله _ : (( وأما ما ذكرَ الأعداء أني أكفر بالظن فهذا بهتانٌ عظيم ، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله )) .
مجموع مؤلفات الشيخ / الرسائل الشخصية ج 5 ص 25 .
[ الشيخ لا يكفر بالمعصـية أو الكبـيرة ]
* وقال _ رحمه الله _ : (( ولا أُكفر أحداً من المسلمين بذنبٍ ، ولا أُخرجه من دائرة الإسلام )) .
مجموع مؤلفات الشيخ / الرسائل الشخصية ج 5 ص 11 .
* وقال _ رحمه الله _ : (( من أطلق الشارِعُ كُفره بالذنوب ، فالراجح فيها قولان ..
أحدهما : ما عليه الجمهور وأنه لا يخرج من الملة .
والثاني : التوقف كما قال الإمام أحمد أمِرُّوها كما جاءت يعني لا يقال : يخرج ولا ما يخرج وما سوى هذين القولين غيرُ صحيح )) .
روضة الأفكار والأفهام لحسين بن غنام ج 1 ص 207 .
فالإمام هنا _ رحمه الله _ رجّح هذين القولين معرضاً عن بقية الأقوال في هذه المسألة .
[ الشيخ لا يكفر بالعمـوم ]
* وقال أيضاً _ رحمه الله تعالى _ : (( وأما القول إنّا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء ، الذين يصدون به عن هذا الدين ونقول : سبحانك هذا بهتان عظيم )) .
مجموع مؤلفات الشيخ / الرسائل الشخصية ج 5 ص 101 .
[ الشيخ يشترط توفر الشروط وانتفاء الموانع لتكفير المعين ]
* قال رحمه الله : (( وأما التكفير ، فأنا أُكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه ، وعادا من فعله فهذا هو الذي أُكفر وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك )) .
مجموع مؤلفات الشيخ / الرسائل الشخصية ج 5 ص 25 .
* وقال _ رحمه الله _ : (( المعين يكفر إذا قامت عليه الحجة )) .
مجموع مؤلفات الشيخ / الرسائل الشخصية ج 5 ص 220 .
* وقال _ رحمه الله _ : (( السلف _ رحمهم الله _ كفّروا النوع ، أما المُعين ، فإن عرف الحق وخالف كفَرَ بعينه ، وإلا لم يكفِّروا )) .
مجموع مؤلفات الشيخ / الرسائل الشخصية ج 5 ص 221 .
* وقال _ رحمه الله _ : (( إنما نكفر من أشرك بالله في إلاهيته " أي : عبوديته " ، بعدما تبيّن له الحجة على بطلان الشرك )) .
مجموع مؤلفات الشيخ / الرسائل الشخصية ج 5 ص 60 .
[ الخلاصـــة ]
* قال _ رحمه الله _ : (( نُشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد ، وتبرأ من الشرك وأهله ، فهو المسلم )) .
مجموع مؤلفات الشيخ / الرسائل الشخصية ج 5 ص 213 .
الخاتــمة :
* تأمـل يا طالب الحق كلام الشيخ _ رحمه الله _ وأعرضه على كلام الله وسنة رسوله _ صلى الله عليه وسلم _ وأقوال صحابته الكرام ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، لتعلم أنَّ الشيخ لا يختصُ بعقيدة عن غيره من البشر ، فهي من ( مشكاة واحدة )
فهي الدعوة إلى تحقيق معنى الشهادتين : لا إله إلا الله ( قولاً وعملاً وإعتقاداً ) وشهادة : أنَّ محمداً رسول الله ( بتجريد المتابعة له لا لغيره أياً كان ) .
شبكة الخير